محكمة جرائم الحرب في كمبوديا

اصدرت محكمة جرائم الحرب في كمبوديا التي تدعمها الامم المتحدة اول
احكامها بحق "الرفيق دوش" الذي ادار سجنا لاعداء النظام ابان فترة حكم
الخمبير الحمر للبلاد. وحكمت المحكمة على دوش بالسجن لمدة 35 عاما بعد ان
ادانته بجرائم قتل وتعذيب وجرائم ضد الانسانية. الا ان المحكمة قالت إن
دوش لن يقضي اكثر من ثلاثين سنة في السجن لانه كان محتجزا بشكل غير شرعي
من قبل الجيش الكمبودي لخمس سنوات.

وكان دوش - واسمه الاصلي كاينغ غويك اياف -
يدير سجن تول سلينغ. وقد اعترف اثناء محاكمته بأنه اشرف على اعدام 15 الف
تقريبا من نزلاء السجن اثناء تلك الفترة، وطلب الصفح من المحكمة.
وكان الادعاء العام قد طالب المحكمة انزال عقوبة السجن 40 عاما على دوش.
وكانت السياسات التي اتبعها نظام الخمير الحمر الذي حكم كمبوديا بين
عامي 1975 و1979 (بما فيها اخلاء المدن، واجبار السكان على العمل في
الارياف، والاعدام الفوري لمن يعتبرون "اعداء الثورة") قد ادت الى موت
مليوني كمبودي تقريبا.
وكان زعيم الخمير الحمر "الاخ رقم واحد" بول بوت قد توفي عام 1998.
"كنت انفذ الاوامر"

ومن المتوقع على نطاق واسع ان تجد المحكمة دوش - وهو الاول من خمسة
مسؤولين كبار في نظام الخمير الحمر يمثلون امامها - مذنبا باقتراف جرائم
حرب وجرائم ضد الانسانية.
ورغم اعترافه بالدور الذي لعبه في سجن تول سلينغ - المعروف ايضا بسجن
S-21 - فهو يصر على انه انما كان ينفذ اوامر رؤساءه، وفاجأ المحكمة في آخر
يوم من محاكمته عندما طلب منها ان تعفو عنه.
وقال في افادته امام المحكمة: "كنت احاول البقاء على قيد الحياة يوما بيوم، وهذا ما حدث. نعم يمكنكم القول إني كنت انسانا جبانا."
الا ان الادعاء اصر على ان دوش - وهو معلم سابق لمادة الرياضيات - امر
باستخدام سبل تعذيب وحشية لاجبار السجناء على الادلاء باعترافات، وانه صدق
شخصيا على كل الاعدامات التي جرت في السجن.
كما جمع دوش، الذي كان مهووسا بالتوثيق، ارشيفا كبيرا يضم صور واعترافات وادلة اخرى للسجناء الذين كانوا تحت امرته.
وورد في احدى المذكرات التي احتفظ بها ان حارسا سأله ما ينبغي ان يفعله
بستة فتيان وثلاث فتيات اتهموا بالخيانة. كان رد دوش: "اقتلهم جميعا."
اختفى دوش لعشرين سنة تقريبا بعد ان اطيح بنظام الخمير الحمر، حيث
اعتنق المسيحية وغير اسمه وعاش في مناطق مختلفة شمال غربي كمبوديا. ولم
يكتشف امره الا بمحض الصدفة عندما تعرف عليه صحفي بريطاني عام 1999 ما ادى
الى اعتقاله.
يذكر ان 14 فقط من نزلاء السجن الـ 15 الف خرجوا منه احياء، لم يبق منهم على قيد الحياة الآن سوى ثلاثة.
اما زعماء الخمير الحمر الآخرين الذين ما زالوا ينتظرون دورهم للمثول
امام المحكمة فهم "الاخ رقم 2" نون تشيا، ورئيس الدولة الاسبق خيو سامفان،
ووزير الخارجية الاسبق يانغ ساري وزوجته يانغ ثيريث التي كانت تشغل منصب
وزير الشؤون الاجتماعية آنذاك.